TvQuran

الاثنين، 25 نوفمبر 2013

الهموم والاحزان اسباب وعلاج { نظرة اسلامية }

إن المؤمن لا تخلو حياته من الهموم والأحزان التي تكدر عليه عيشته وتنغص عليه لذته، ومع ما في ذلك من تكفير للسيئات ورفعة للدرجات فإن فيها فوائد أخرى.

من أهمها: أنها تدفع المؤمن للجوء إلى الله والانكسار بين يديه والتضرع إليه، فيحصل بذلك للقلب من الراحة والطمأنينة واستشعار القرب من الله عز وجل ما لا يمكن وصفه.

وأيضاً فإن هذه المنغصات تجعل المؤمن يعرف حقارة الدنيا فيزهد فيها، ولا يركن إليها، ويقبل على الآخرة على بصيرة؛ لأنها خير وأبقى، إذ لا هم فيها ولا حزن، كما قال سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر:34-35].

الهموم والأحزان ضيفان ثقيلان على الإنسان في دنياه لا يكادان يفارقانه حتى يأذن الله _سبحانه_ له بدخول الجنة، حيث لا حزن ولا ألم، ولاهم و لا غم، ولا كرب و لا ضيق.... لذلك فإن من أول دعاء أهل الجنة: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ" (فاطر: من الآية34).

والأشقياء بكل معنى الشقاء هم المفلسون من ريحانات الإيمان وروحه وجنته وسراحه ومراحه، فهم أبدا في تعاسة دائمة وضنك من العيش لا يطاق: قال الله _تعالى_ يصف حالهم: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" (طـه:124).

وبقدر إيمان المرء تكون سعادته...فتستقر نفسه لحسن موعود ربه، ويثبت قلبه بشعوره بمعيته، ويستريح ضميره من مخالفة هواه، وتبرد أعصابه أمام الحوادث، ويسكن قلبه عند وقع القضاء...قال الله _تعالى_: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً... الآيات" (النحل: من الآية97).


النبي _صلى الله عليه وسلم_ يتعوذ من الهم والحزن: ...عن أنس _رضي الله عنه_ ورواه البخاري في كتاب الدعوات أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان كثيرا ما يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من ضلع الدين وغلبة الرجال" وكأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قد جمع معاني السعادة الدنيوية الكاملة والتي لها أكبر الأثر في المآل والآخرة في تلك الأمور التي ذكرها في ذلك الحديث والتي هي في الحقيقة منغصات حياته ومسببات حزنه وضيقه، وهى:الهم: وهو ضيق الصدر الذي سببه ما يظنه المرء ويتوقعه مستقبلا، الحزن: وهو الضيق الذي سببه ما يفكر فيه المرء مما مضى، العجز: وهو عدم قدرة الآلة والجوارح عن القيام بما يأمله الإنسان ويطمح به، الكسل: وهو القعود عن المعالي والركون إلى الراحة وعدم السعي وبذل الجهد لتحقيق المطالب، الجبن: وهو العجز عن الشجاعة والإقدام، البخل:وهو العجز عن الجود بالمال في الصدقة والزكاة والإيثار...

الأسباب وراء الهموم والأحزان لدى الشباب المسلم.. تختلف الأسباب التي تجلب الهموم وتتسبب في الأحزان المستمرة لدى الشباب المسلم ولكنها قد تجتمع في عدة محاور تدور حولها:1- عدم تلبية حاجات القلب العقائدية: فالقلب في فاقة دائمة لا يمكن أن يسدها سوى قوة العقيدة في الله سبحانه، ومن أهمل تقوية ذلك كان شاعرا بنقص مستمر وفراغ لا نهائي وهو لا يدري سببه..



2- عدم الإنجاز: فأصحاب الإنجازات والذين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم ولمجتمعهم قدرا كبيرا من التقدم الإيجابي غالبا ما يطردون الهموم حيث يكون همهم منصبا على رفعة أمتهم وتقدم ذواتهم في تحقيق التقدم المطرد، وعلى العكس فالذين لم يحققوا إنجازا يذكر طوال أعمارهم وينظرون خلفهم فلا يجدون إلا فراغا فهؤلاء يكون الهم أكثر قربا منهم.

3- الانكسار وفقدان العزة: فالعزة مصدرها قوة اليقين وصدق الانتماء وهما متحققان في المؤمن الذي أيقن بربه وبموعوده وصدق في الانتماء لدينه ولأمته معتقدا فضلها ورفعة قدرها، مهما مر بها من ظروف ضعف أو هزيمة قال الله تعالى " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "، أما المنهزمون الذين يقيمون قدر الأمم تقديرا خاطئاً ويضعف انتماؤهم لأمتهم فهؤلاء أكثر الذين يتعرضون للانكسار والذل والهزيمة.

4- عدم تحقق الأهداف: فكل إنسان له مرادات وآمال وأهداف وضعها لنفسه لا تغيب عن ذهنه يسعى لها ويحاول تحقيقها في كل يوم، ومن قصرت به أحواله وطاقاته وقدراته عن تحقيق أماله وأهدافه كان عرضة للهموم والأحزان المتكاثرة، ولقد علمنا النبي _صلى الله عليه وسلم_ أن آمال المرء يجب أن تسير في طريق الآخرة لا في طريق الدنيا، حتى الأهداف الدنيوية يجب أن تكتسي بالنية الصالحة التي تجعلها من العمل الصالح فقال _صلى الله عليه وسلم_ فيما رواه الترمذي والنسائي " من كانت الدنيا أكبر همه فرق الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يؤته منها إلا ما قسم له، ومن كانت الآخرة همه جمع الله عليه شمله وجعل غناه في قلبه".

5- البعد عن البيئة الإيمانية الصحية: فالإسلام قد أنشأ بيئة إيمانية يمتنع عنها الهم وتتباعد عنها الأحزان تلك البيئة هي بيئة الأخوة الإيمانية والعلاقات الشفافة النقية التي هي بلا مصالح شخصية ولا منافع دنيوية فشرع لهم خمس صلوات يجتمعون فيها في المساجد وشرع لهم تواصل الأرحام وعلاقات الجيرة والأخوة الصادقة المخلصة، ومن ابتعد عن تلك البيئة وأهملها صار فريسة للوحدة والانعزال وصار طعما للهموم والأحزان.

الأسباب التي تدفع بها الهموم والغموم والأحزان والمصائب لمن أحسن استعمالها:

1- الإيمان والعمل الصالح, قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].

وهذا وعد من الله لمن آمن وعمل صالحاً أن الله يحييه حياة سعيدة.

روى مسلم في صحيحه من حديث صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وان أصابته ضراء صبر فكان خيراً له» .

2- فرح المسلم بما يحصل له من الأجر العظيم والثواب الجزيل؛ جزاء صبره واحتسابه على ما يصيبه من هموم الدنيا ومصائبها.

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» .

وفي رواية أخرى لمسلم: «ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة أو حط بها عنه خطيئة» .

فيعلم المسلم أن ما يصيبه من هموم وغموم إنما هو تكفير لسيئاته وتكثير لحسناته.

قال أحد السلف: ” لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس “. وكان أحدهم يفرح بالبلاء كما يفرح أحدنا بالرخاء .

3- معرفة حقيقة الدنيا وأنها فانية متاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مقدرة لا تصفوا لأحد، إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أسرت يسيراً أحزنت كثيراً قال تعالى: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] فيوم لك ويوم عليك.

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» .

وهي كذلك دار نصب وأذى وغم وهم، ولذلك يستريح المؤمن إذا فارقها.

روي البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال: «مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله! ما المستريح والمستراح منه؟!. قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» .

فهذا المعني الذي يدركه المؤمن لحقيقة الدنيا يهون عليه المصائب والهموم؛ لأنه يعلم أن ذلك من طبيعتها.

4- هموم الدنيا وغمومها تشتت النفس وتفرق شملها، فإذا جعل العبد الآخرة همه جمع الله له شمله وقويت عزيمته.

روى الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه, وجمع الله له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق الله عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر الله له» .

5- الدعاء, فإنه علاج نافع لدفع الهم والغم قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الهم والحزن روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك ّقال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل فكنت أسمعه كثيراً يقول «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال» .

وروى أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني على نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت» .

فإذا لهج العبد بهذه الأدعية بقلب حاضر ونية صادقة مع اجتهاده في تحصيل أسباب الإجابة حقق الله له ما دعا وانقلب همه فرحاً وسروراً.

6- التوكل على الله, قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] أي: كافيه من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة.

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: “ومتى اعتمد القلب على الله وتوكل عليه ولم يستسلم للأوهام ولا ملكته الخيالات السيئة ووثق بالله وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم، وزالت عنه كثير من الأسقام القلبية والبدنية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه”.

7- قراءة القرآن بتدبر فإنه ربيع القلوب ونور الصدور وجلاء الأحزان، وذهاب الهموم والغموم والشفاء لجميع الأمراض البدنية والقلبية, قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:44].

وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82].

فمن قرأ القرآن بتدبر وإقبال ذهبت عنه الهموم والغموم، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].


المصادر : 1.2.3

تابع كل جديد برسالة الكترونيه لـ إيميلك فورا

صل على سيدنا محمد


اقتباسات

أشهر مواضيعي ..~

كن صديقنا على الفيس بوك !

رايكم في شكل المدونة ؟

ارشيف مدونة زهرة نيسان

انضم الينا